السياحة : معناها الذهاب في الأرض للعبادة، والنظر والتأمل في الأشياء التي خلقها الله -عز وجل-، والتمتع بآثار قدرته -سبحانه- وجعل الله -عز وجل- في نفس كل إنسان نوازع كثيرة، منها البحث عن الحقيقة، وتدقيق النظر في الأشياء من حوله، والشغف بمعرفة المجهول عنه.
قال تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} [يوسف: 109].
وقال -عز وجل- : {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}
[الحج: 46].
وقال الإمام ابن تيمية: (ما يفعل أعدائي بي؟! إن قتلوني فقتلي شهادة، وإن حبسوني فسجني خلوة، وإن نفوني فنفيي سياحة).
والسياحة أنواع متعددة منها:
سياحة التأمل:
وتقوم على تدبر الإنسان وتأمله في كل ما يراه ويقع عليه بصره، وكل ما يلمسه أو يدركه بحواسه، وكل ما يسمعه ويستقبله بأذنيه، وكل ما يهز قلبه ويحرك وجدانه من مخلوقات لها حركات وسكنات منظمة تبعًا لسنن وقوانين ثابتة.
قال تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام: 28].
وهي أيضا تقوم على التمتع بما خلق الله لعباده من سنن كونية كالوديان، والجبال، والصحاري، والغابات، والسماء بما فيها من نجوم وكواكب وبحار ومحيطات وأنهار، وما تحتويه كل هذه الأشياء من علامات تدل على قدرة الله تبارك وتعالى.
قال تعالى: {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج. والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج. تبصرة وذكرى لكل عبد منيب} [ق: 6-8].
السياحة العلاجية:
وهي الانتقال من مكان لآخر للاستشفاء وتجديد النشاط والحيوية عن طريق الشمس الدافئة، والاستفادة بالمياه الجوفية والرمال الجافة أو المبللة أو الاستحمام في البحر والجلوس في الأماكن الخضراء ذات الطبيعة الهادئة الجميلة .
السياحة الدينية:
وتقوم هذه السياحة -من خلال أداء الفرائض- على زيارة الأماكن الدينية، والسفر إليها، فيزيد الإيمان ويرتفع انتماء المسلم إلى آثاره الإسلامية .
قال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} [آل عمران: 97].
السياحة العلمية:
يرحل الإنسان إلى بلاد غريبة بعيدة طلبًا للعلم والمعرفة.
السياحة في الإسلام:
السياحة في الإسلام معناها الانتقال من مكان إلى مكان لعلة جائزة شرعًا: كالعبادة أو اكتشاف المجهول أو طلب العلم أو الاستشفاء أو نشر الدعوة الإسلامية أو الجهاد في سبيل الله أو الفرار بالدين إلى مكان يأمن المرء فيه على دينه.
أما السياحة بمعناها الضيق -المعاصر- وهو الوقوف على أطلال الآثار القديمة وتقديسها والانبهار بها، من غير السؤال عن أخبار من أقاموها، عدلاً أم جورًا، إيمانًا أم كفرًا!! فهذا أمر لا يجيزه الشرع الإسلامي، فقد كان رسول الله ( وصحابته الكرام إذا مروا على ديار الظالمين من الأمم السابقة، يسرعون السير، مخافة أن يصيبهم ما أصاب أولئك الظالمين.
وقد يتصور بعض الناس أن الإسلام يرفض السياحة، وأنه ليس لها مكان في تشريعات الإسلام، وهذا الكلام خاطئ ولا يحمل أية علامات الصواب؛ لأن الإسلام هو دين الله الذي ضمن السعادة للإنسان إذا ما التزم به، وقد وضع الإسلام الأسس والوسائل الكفيلة بإنجاح السياحة وتحقيق الغاية منها ومن هذه الوسائل:
1-تنقية النشاط السياحي مما علق به من محرمات، وذلك بالابتعاد التام عن إشاعة الفاحشة وإثارة الغرائز والشهوات، ومنع ما حرمه الله من خمر وميسر واختلاط.
2- عدم السياحة في أماكن الفتن والفسق والبدع حتى لا يتعرض المسلم للفتنة في نفسه ودينه.
3- التخلق بأخلاق الإسلام والتزام مبادئه والسير على منهج النبي ( وسنته.
4- صدق النية وإخلاص العمل لله -عز وجل- وذلك حينما نجعل هذه السياحة وسيلة للدعوة إلى الله فنقدم للناس صورة مشرقة لديننا، وبلادنا، فنوضح لهم الحقيقة، ونفضح أمامه أكاذيب الإعلام الغربي الذي يشوه صورة الإسلام والمسلمين.