متجلياً في الصُبح أو في العَصْر صَدرُ الكُنافة طالعٌ كالبدر
كلونِ التبرِ أو كالجمر يزهو ويشعُ مَعروضاً بشكلٍ مغر
وتفوح ريحتُهُ ويعبَقُ عطرُه حلوٌ لذيذٌ طعمه في الثغرِ
رشَّ العجينةَ في المرايةِ فاستوت وغدت خيوطاً مثل سمك الشَعرِ
ومضى يُلملِمُها فصارَت كومةً تعلو كَتَلٍ ناصعٍ من تِبَر
وأتى بسمنٍ ثم قلبها به وغدا يُفركُها ببالغِ صَبر
الجبن أحضَرَهُ وشرَّح بعضه إذ راح ينقعُهُ بماء القدرِ
حتى إذا ما زال عنه ملحه بيديه سفّى ماءه بالعصر
وأتى بمنقلِهِ المُدورِ رصَّه بالفَحمِ أشعَلَه لهيبَ الجمرِ
وأتى بسمنٍ ثم سخَّنَه على صدر النُحاس فساحَ وسط الصدر
فَرَد العجينةَ فوقَهُ في راقة بالجُبن غطاها وَزانَ بِقَدْرِ
وغدا براحتِه يَرصُ خَليطها حتى الحرارةُ في الجوانب تَسري
وشوى الكُنافَةَ بارماً أطرافها وغدا يدوِّر حرفها بالدَورِ
والجبنةُ البيضاءُ فاحت فوقها والجبنُ في نابلُسَ مصدر فخر
ومضى يراقِبُها يَشُمُّ بُخارها ويجُسُّها باللمسِ أو بالحَفرِ
ويهزها في الصدر يفحَص نُضجَها ويظلُ يرقُبُ قَعْرها مُتحري
فإذا رآها أصبحت مُحمَّرة ً رفع الكِمامَ مشمراً للأمرِ
وأتى بصدر فارغٍ غَطى به ِ صدر الكُنافةِ فاختفت في الخِدرِ
صدر على صدر وسال حليبها من جبنها من حرها بالكمرِ
من ثم ثبَّتَ كفَّه من تحتها وبكفه الأخرى بأعلى الصدر
وبخفة وبراعة وبسرعة وبنزعة الفنان أو بالسحرِ
لف الصدور مقلباً في لحظة فإذا الكُنافةُ وجْهُها للظَّهر
رَفَعَ الغِطَاءَ فأشرَقَتْ في وجهِه ضَحِكَ الجَمالُ وما لَهُ مِن ثَغر
طَلَعتْ بلونٍ ساطعٍ متميز و بحمرة لاحت كلون الخمر
فأتى بقطرٍ ثم سقّاها بِهِ فترنَخت من شُربها للقَطرِ
بالفستُق الحَلَبي زيّنَ وجَهها فتأَلقتْ تَبدو كوجهِ البدرِ
حمراءَ يُبهِرُ مَن رآها حُسنُهُا ترنو وتنظُرُ بالعُيونِ الخُضر
إن الكُنافة لا ينالُ وصَالَها إلا محبٌ أو عظيمُ القدرِ
فاقصدْ أبا سيرٍ بجاطِ كُنافةٍ أو ذُق حلاوةَ طعمِها في العَكْرِ
و إذا رغبتَ بأن تُنوع طَعمها جرِّب أباظةَ والتقيَّ المصري
وبسيسُ كان من الأوائل رائدا في صنعها وله جزيل الشكرً
لكنما الفتفوتُ حصّل شهرة بكُنافة تُبتاع بعد العصر
وَزُرِ الفَقيه مَعَ الصباحِ لكي ترى رشَّ العجينةِ في المِراية يَجري
من اسم نابُلسَ الكُنافةُ سرُها ولقد وصفتُ ولم أبُح بالسِّرِ
من أجل نابُلسَ الحبيبة إنني أطلقتُ قيثاري وصادقَ شعري
يم يم صرت بدي كنافه